24- أولُ واجبٍ على العبيدِ
مَعرِفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
25- إذْ هُوَ مِن كلِّ الأوامرَ ٱعْظمُ
وهُو نوعانِ أَيَا مَنْ يَفْهَمُ
26- إثباتُ ذاتِ الربِّ جلَّ وعَلاَ
أسمائِهِ الحسنى صِفاتِه العُلَى
27 - وأنه الربُّ الجليلُ الأكبرُ
الخالقُ البارئُ والمصوِّرُ
28- باري البرايا مُنشئ الخلائق
مُبدِعُهم بلا مثالٍ سابق
29- الأولُ المُبدِي بلا ابتداءِ
الآخِرُ الباقي بلا انتهاءِ
30- الأحَدُ الفَرْدُ القديرُ الأزلِي
الصَّمَدُ البَرُّ المُهيمِنُ العَلِي
31 – علوَّ قَهْرٍ وعلوَّ الشانِ
جَلَّ عَنِ الأضدادِ والأعوانِ
32 – كذا له العلوُّ والفَوْقيةْ
على عِبادِه بلا كَيْفِيةْ
33- ومعَ ذا مُطَّلِعٌ إليهمُ
بِعلمِه مُهيمنٌ عليهمُ
34- وذكرُه للقُربِ والمعيةْ
لم يَنفِ للعلوِّ والفوقيةْ
35- فإنه العليُّ في دُنُوه
وهْو القريبُ جَلَّ في عُلُوه
36- حيٌّ وقيومٌ فلا ينامُ
وجَلَّ أن يُشبِهَه الأنامُ
37- لا تبلُغُ الأوهامُ كُنْهَ ذاتِهِْ
ولا يُكيِّفُ الحِجا صفاتِهِْ
38- باقٍ فلا يَفنَى ولا يَبِيدُ
ولا يكونُ غيرُ ما يُريدُ
39- مُنفرِدٌ بالخلقِ والإرادةْ
وحاكمٌ جَلَّ بِما أرادَهْ
40- فمَنْ يَشَأْ وفَّقه بفَضلِهِْ
ومَن يَشأْ أضلَّه بعَدْلِهِْ
41- فمِنهُمُ الشقيُّ والسعيدُ
وذا مُقرَّبٌ وذا طريدُ
42- لِحكمةٍ بالغةٍ قضاها
يَستوجِبُ الحمدَ على اقتِضاها
43- وَهْوَ الذي يَرَى دَبِيبَ الذَّرِّ
في الظُّلُماتِ فَوقَ صُمِّ الصَّخْرِ
44- وسامِعٌ للجَهْرِ والإخفاتِ
بسَمعِه الواسعِ للأصواتِ
45- وعِلمُه بِما بَدا وما خَفِي
أحاط عِلمًا بالجَليِّ والخَفِي
46- وَهْو الغَنِي بذاتِه سُبحانَهُ
جَلَّ ثناؤه تعالى شانُهُ
47- وكلُّ شيءٍ رِزقُه عليهِ
وكلُّنا مُفتقِرٌ إليهِ
48- كلَّمَ موسى عبدَه تكليمَا
ولم يزَلْ بخلقِه عَلِيمَا
49- كلامُه جَلَّ عنِ الإحصاءِ
والحَصْرِ والنَّفادِ والفناءِ
50- لو صار أقلامًا جميعُ الشجَرِ
والبحرُ يُلقى فيه سبعُ أبْحُرِ
51- والخلقُ تكتُبْهُ بكل آنِ
فَنَتْ وليس القولُ منه فانِ
52- والقولُ في كتابِه المُفَصَّلْ
بأنه كلامُه المُنَزَّلْ
53- على الرسولِ المصطفى خيرِ الورَى
ليس بمخلوقٍ ولا بِمُفترى
54- يُحفَظُ بالقَلْبِ وباللسانِ
يُتلى كما يُسمَعُ بالآذانِ
55- كذا بالاَبصارِ إليه يُنظَرُ
وبالأيادي خطُّه يُسطَّر
56- وكلُّ ذي مخلوقةٌ حَقِيقةْ
دُونَ كَلامِ بارِئِ الخليقةْ
57- جَلَّتْ صِفاتُ ربِّنا الرحمنِ
عنْ وصفِها بالخلقِ والحِدْثانِ
58- فالصَّوتُ والأَلْحَانُ صوتُ القاري
لكنَّما المتلوُّ قولُ الباري
59- ما قاله لا يَقبَلُ التَّبْديلا
كلاَّ ولا أصدقُ منه قِيلاَ
60- وقَد رَوى الثقاتُ عَن خيرِ المَلا
بأنه عزَّ وجَلَّ وعَلا
61- في ثُلُثِ الليلِ الأخيرِ يَنزِلُ
يقولُ هل مِن تائبٍ فيُقبِلُ
62- هل مِن مُسيءٍ طالبٍ للمغفرةْ
يَجِدْ كريمًا قابلًا للمعذرةْ
63- يَمُنُّ بالخيراتِ والفضائلْ
ويستُر العيبَ ويُعطي السائلْ
64- وأنه يجيءُ يومَ الفَصْلِ
كما يَشاءُ للقضاء العدلِ
65- وأنه يُرَى بلا إنكارِ
في جنةِ الفِردوسِ بالأبصارِ
66- كلٌ يَراه رؤيةَ العِيانِ
كما أتى في مُحكَم القرآنِ
67- وفي حديثِ سيدِ الأنامِ
مِن غيرِ ما شكٍ ولا إبهامِ
68- رُؤيةَ حقٍ ليس يَمْتَرُونَها
كالشمسِ صَحْوًا لا سحابَ دُونَها
69- وخُص بالرؤية أولياؤه
فضيلةً وحُجِبوا أعداؤه
70- وكلُّ ما له مِنَ الصفاتِ
أثبتَها في مُحكمِ الآياتِ
71- أو صحَّ فيما قاله الرسولُ
فحقُّه التسليمُ والقبولُ
72- نُمِرُّها صريحةً كما أتتْ
معَ اعتقادِنا لِما له اقتضَتْ
73- من غير تَحْريفٍ ولا تعطيلِ
وغيرِ تكيِيف ولا تمثيلِ
74- بل قولُنا قولُ أئمةِ الهدى
طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهم قدِ اهتدى
75- وسَمِّ ذا النوعَ مِنَ التوحيد
توحيدَ إثباتٍ بلا تَرديدِ
76- قد أفصحَ الوحيُ المُبِينُ عنهُ
فالتَمِسِ الهُدَى المنيرَ منهُ
77- لا تَتّبِعْ أقوالَ كلِّ ماردِ
غاوٍ مُضلٍ مارقٍ معاندِ
78- فليسَ بَعدَ ردِّ ذا التِبيانِ
مِثقالُ ذرةٍ من الإيمانِ |